جديد البوابة

محاضرات: النقود والسياسة النقدية (أ.سنوسي علي)

محاضرات: النقود والسياسة النقدية (أ.سنوسي علي)

محاضرات: النقود والسياسة النقدية (أ.سنوسي علي)


   يتم الربط بين أوجه النشاط الاقتصادي المختلفة من إنتاج السلع والخدمات وتوزيعها واستهلاكها من خلال أداة التبادل التي تطورت عبر التاريخ من مرحلة المقايضة إلى مرحلة الاقتصاد النقدي، وخـلال تطـور وسائل المبادلة عرف الفكر الاقتصادي نظريات عديدة مختلفة، فهذا الاقتصادي "جون ستيوارت ميل" كـان يقول " لا الشيء في الاقتصاد أقل قيمة من النقود" وهو ينتمي للمدرسة الكلاسيكية التي تعتقد بأن دور النقود في الحياة الاقتصادية هو مجرد تغطية للمعاملات فقط،

    ثم تطور الفكر الاقتصادي إلى نظرة أخرى تعطي للنقـد مكانة هامة، وهي نظرة "كيتر" وأتباعه التي تبين أهمية النقود نظرا لملامستهم التأثيرات التي تحـدثها النقـود، وأصبح ينظر إليها على أنها تلعب دور المحرك في النشاط الاقتصادي، أو دور الكابح له حسب تحكم السلطات النقدية فيها .

      ومن ثم فإنه ليس من الخطأ أن يسمى النظام الاقتصادي الحديث بالنظام الاقتصادي النقدي، وهـذه التسمية لم تطلق على سبيل المبالغة، ولكنها تعبيرا عن واقع الحياة الاقتصادية، والمبادلات التي تتم بين الأطراف المتعاملة تخضع إلى أسلوب إدارة هذا النظام، فإذا كان يتصف بحسن التسيير والضبط انتعشت حركة المبادلات، وساعد ذلك على التنمية الاقتصادية، وتحقيق الاستقرار، أما إذا تميز بخلاف ذلك عرف النشـاط الاقتصـادي تراجعا، وقد يصاب بالكساد . 

      وعليه فإن أي هيئة ما لديها السلطة لتنظيم هذه الأداة (النقود) هي في الواقع تتمتع بدور بالغ الأهمية في الحياة الاقتصادية، وهذه السلطة ليست هيكلا جامدا تمر عبره النقود، بل عليه إذا تنظيم تداول هذه الأداة ما دامت لها تأثيرات قوية على الإنتاج والتشغيل والتضخم والتوازن الخارجي وذلك لتجنبها، فإذا تدخلت السلطات لتنظيم تداول النقود لتحقيق أهداف معينة،

   أو تجنب اختلالات اقتصادية سمي ذلك بالسياسة النقدية، وكان الاقتصادي الأمريكي زعيم النظرية النقدية "ملتون فريدمان" يحبذ القول بأنه لا يوجد ما يسمى "باللاسياسة" فكل ما تفعله الحكومات هو سياسة، فإذا لم تصدر نقودا فهذه سياسة، وإذا أصدرها فتلك سياسة أيضا، وهذا تعميم على كافة الإجراءات التي تقوم بها الحكومة في كل الميادين المختلفة 

      إن ما تقوم به الحكومات من إجراءات يلقى بثقله على الأداء الاقتصادي سلبا أو إيجابا، وذلك يعتمد على اختيارات الحكومة المتعلقة بأسلوب إدارة عملية التنمية ككل، وتكمن هذه الاختيارات إما في اللجوء إلى الأساليب العلمية والتي استفادت منها دول كثيرة في تسيير المتغيرات الكلية، ومنها النقود التي تعتمد عليها التنمية والتي تستخدم معايير علمية، وأدوات متطورة ومستندة إلى واقع تجريبي، وإما اللجوء إلى طرق التسيير الغامضة في المنهج والأدوات والأسلوب والأهداف، ولكنها مبنية فقط على ردود الأفعال والارتجالية والآراء الشخصية، وهذا ما يكـلف الدولة الكثير من الأمـوال، ويحـدث اختلالات عميقة يصعب حلها في الأمد القصير، وعملية التنمية التي تريد أن تصل إلى أهدافها ستختار الأساليب العلمية في إدارة مكونات السياسة الاقتصادية، والسياسة النقدية واحدة من أهم مكوناتها، وبناء على هذا فإن تسيير السياسة الاقتصادية يتبوأ مكانة هامة لتحقيق أهداف التنمية، لأن هذا ليس شبيها بإدارة الأعمال ولكنه يدخل ضمن سياق الاقتصاد الكلي، في حين إدارة الأعمال تعود إلى الاقتصاد الجزئي، والفرق بين الاثنين واضح، فإدارة الاقتصاد الكلي تتميز بالصعوبة والأهمية، لأن نجاحها هو بمثابة نجاح الاقتصاد الجزئي، وفشلها سينعكس أيضا على الجزئي، في حين أن نجاح الاقتصاد الجزئي لا ينطبق على الكلي  

     إن إعداد هذه المطبوعة جاء لتحقيق جملة من الأهداف نوجزها فيما يلي : 

1 - تغطية العجز السائد في هذا المجال بالنسبة لطلبة العلوم الاقتصادية، التجارية وعلوم التسيير على مستوى كلية العلوم الاقتصادية، التجارية وعلوم التسيير بجامعة المسيلة؛ 

  2 - تهيئة الطالب لدراسة المقاييس المتعلقة بالنقود والسياسات النقدية في مرحلة التخصص ؛ 
3 - حاجة الطالب لهذا النوع من المراجع في إطار إصلاح التعليم العالي ل م د.؛

 4 - تعريف الطالب بالنقود وبمكوناتها المختلفة ؛ 

5 - معرفة تأثيرات نشاطات البنوك في خلق النقود على أداء الاقتصاد ؛ 

6 - معرفة أدوات السياسة النقدية وتأثيراتها على مستوى النشاط الاقتصادي 


ليست هناك تعليقات